الكاهن كالرقيب وسط الشعب «متفرقات
استقبل قداسة البابا فرنسيس ظهر اليوم الخميس في قاعة الكونسيستوار بالقصر الرّسولي بالفاتيكان المشاركين في المجمع العامّ لكهنة حركة شونستات "Schönstatt" وللمناسبة وجّه الأب كلمة استهلّها مرحِّبا بضيوفه ومُعربا عن سروره للقائهم ولفت إلى أنّ هذا المجمع العام الذي يُصادف في الذكرى الخمسين على تأسيس الحركة من قبل الأب خوسيه كينتينيش يشكّل فرصة ملائمة للحفاظ على موهبة التّأسيس حيّة وعلى القدرة على نقلها للشباب لكي تلهمهم وتعضدهم في حياتهم ورسالتهم.
تابع البابا فرنسيس يقول لقد عبّر الأب كينتينيش جيّدًا في قوله أنّه ينبغي علينا أن "نوجّه السّمع إلى قلب الله ونضع أيدينا في نبض الزمن"، فهذان هما عامودا الحياة الرّوحيّة الأصيلة. من جهّة أولى العلاقة مع الله. فهو قد أحبّنا أوّلاً، وهو يسبقنا بحبّه العظيم. وبهذا الإطار يحذّرنا القدّيس بولس بألا نَدَّعِيَ شَيئًا كأَنَّه مِنَّا، لأِنَّ إِمكانَنا مِنَ الله (راجع 2 قول 3، 4-6).
وفي فرض القراءات تُقدّم لنا القراءة الثانية من القدّيس غريغوريوس الكاهن كالرّقيب وسط الشّعب حتى يَرى من بعيدٍ كلَّ ما سيحدُثُ. هكذا هو الكاهن! إنّه كباقي إخوته يعيش في "سهل" ضعفه لكن الله يدعوه ليرتفع ليكون رقيبًا في الصلاة، يدعوه ليدخل في حوار معه، في حوار حبّ، حوار أب مع ابنه. فالرّب ينتظرنا في الصلاة، في التأمُّل في كلمته وفي صلوات السّاعات. ليس من الجيّد أن نهمل الصّلاة أو أن نتركها مُعللين السبب متطلّبات خدمتنا، لأنّه "إن لم يبنِ الربُّ البيت، فعبثًا يتعب البناؤون".
أضاف الأب الأقدس يقول أمّا العامود الثاني فيقوم على العبارة "ونضع أيدينا في نبض الزمن" أي الواقع والأشخاص، إذ لا ينبغي علينا أن نخاف من الواقع، لأن الرّبّ ينتظرنا هناك، وهناك يُظهر نفسه لنا ويعطينا ذاته. فالحوار مع الله في الصلاة يحملنا أيضًا إلى الإصغاء لصوت الأشخاص الذين يحيطون بنا. في الصلاة نتعلّم ألّا نعبر غير مبالين إزاء المسيح المُتألّم في إخوته، في الصّلاة نتعلّم الخدمة.
تابع الأب الأقدس يقول تشكّل الخدمة علامة أساسيّة في حياة الكاهن! وليس عبثًا أنّ خدمتنا الكهنوتيّة هي في خدمة كهنوت المعمّدين. فالكاهن لا يتفوّق على الآخرين ولا يتقدّم عليهم، بل يسير معهم ويُحبّهم بمحبة المسيح الذي لم يأتِ لِيُخدَم، بَل لِيَخدُمَ ويَفدِيَ بِنَفسِه جَماعَةَ النَّاس (راجع متى 20، 28).
وهذا ما أراده مؤسّسكم للكهنة: خدمة مجانيّة للكنيسة ولجميع الجماعات والحركات لتحافظ على وحدتها ورسالتها. إنّها بالطبع مهمّة متطلّبة ولكنّها تصبح سهلة وجميلة بفضل الأخوّة الكهنوتيّة، لأنّ الخدمة الكهنوتيّة لا يُمكنها أن تقوم أبدًا بشكل مُنفرد أو فردانيّ. والأخوّة هي مدرسة تتلمذ كبيرة، تتطلّب منّا تسليمًا مُطلقـًا لله والإخوة وتساعدنا لِنَنمو في المحبّة والوحدة وتجعل شهادتنا أكثر خصوبة.
وختم البابا فرنسيس كلمته بالقول تأمل، خدمة وأخوّة! أردت أن أشارككم هذه المقوّمات التي بإمكانها أن تساعدكم في حياتكم الكهنوتيّة. وفي ختام لقائنا إسمحوا لي أن أطلب منكم بتواضع ثلاثة أشياء: أوّلاً مرافقة العائلات والاعتناء بها لكي تعيش بقداسة عهد الحبّ والحياة الذي قطعته ولاسيّما تلك العائلات التي تعيش لحظات أزمة وصعوبات، ثانيًا، وإذ أفكر في يوبيل الرّحمة المُقبل، أسألكم أن تكرّسوا وقتًا طويلاً للاحتفال بسرّ المصالحة: كونوا في جماعاتكم شهودًا لرحمة الله وحنانه، وثالثًا أسألكم أن تُصلّوا من أجلي لأنني بحاجة لصلواتكم ليبارككم الرّبّ.
إذاعة الفاتيكان